2009/10/28

حوار مع المعتقلين السياسيين بمراكش -مجموعة زهرة بودكور-الجزء

lحوار مع المعتقلين السياسيين بمراكش -مجموعة زهرة بودكور-الجزء 5
لماذا الماركسية اللينينية الماوية ؟
إن تبنينا للماركسية اللينينية الماوية كإيديولوجية سديدة علمية ، موجهة لحل قضايا الثورة ببلادنا لم تأتي كما يتصور البعض من أجل التميز و الترف الفكري أو أي شيء من هذا القبيل ، بقدر ما جاءت كإجابة علمية على متطلبات الصراع الطبقي ببلادنا ، و ارتباطا كذلك بالخط الاممي . فالماركسي الذي ينسى و لو لوهلة واحدة كونه شيوعيا ، كونه أمميا ، فإنه يسيء لسمعة الماركسيين ، بكل تأكيد . أما ذلك الماركسي الذي يهاجم استحضار واقع الحركة الشيوعية العالمية فإنه يناضل ضد البعد الأممي للماركسية ، يناضل ضد شعار “يا عمال العامل اتحدوا” على حد تعبير الرفيق خالد المهدي في الوثيقة القيمة “الموقع التاريخي للثورة الصينية و الموقع النظري لماوتسي تونغ”.فالماوية أصبحت تشكل المركز الرئيسي للتناقض في نضال الشيوعيين الإيديولوجي و إنكار الماوية لا يعني في نهاية المطاف سوى نفي الماركسية و تشويهها ، و الدفاع عنها ليس دفاعا عن أحداث و وقائع تاريخية و على الرئيس ماو و فقط ، بل هي معركة ذات بعد مصيري تحدد مستقبل الثورة ببلادنا و على المستوى العالمي . هذا و قد برزت الماوية ببلادنا في خضم صراع مرير ضد الانتهازية و كل مظاهر الجمود العقائدي والقوالب الجامدة التي طبعت الحركة خلال عقدي الثمانينات و التسعينات كانعكاس للضبابية الفكرية و التيهان الإيديولوجي الذي خلفه تراجع الحركة الشيوعية محليا و عالميا ( لتبقى البيرو و الهند و تركيا ، استثناءا ) فبناء الوضوح الفكري و محاصرة كافة الطروحات الفكرية التحريفية منها و الانتهازية ،و التي لا تنتعش إلا في مرحلة أزمة الحركة بسعيها الدائم إلى الحفاظ على الوضع القائم ، قاتلين بذلك في الماركسية روحها الثورية باسم ( ما وجدنا عليه أسلافنا ، الثبات على المواقف ...)و هذا البناء أمر في غاية الأهمية من أجل إكمال و تثبيت الخط الفكري و السياسي للثورة ببلادنا و على المستوى العالمي ، و بالتالي التقدم في انجاز المهام “فالخط الفكري و السياسي يحدد كل شيء” حسب الرفيق ماو . فالماركسية ليست عقيدة جامدة بل منهج للتحليل الملموس للواقع الملموس و بالتالي يجب تمييز التناقضات و الأولويات حتى تتمكن من فك الخيوط المتشابكة لواقع الثورة ببلادنا ، دون الاكتفاء بجملة من العبارات المحفوظة عن ظهر قلب و التي يجيد البعض ترديدها دون كلل أو ملل ، كأنها الحل السحري لكل الإشكالات ، بقدر ما نجدها – الماركسية –نظرية علمية تنبني على المنهج المادي الجدلي و المادية التاريخية و التي تطورت و اتضحت عمليا من خلال دروس ثورات الشعوب عالميا ، و التي لحد الآن المعلمين الكبار ماركس ، انجلس ، لينين ، ستالين ، ماو ، باعتبارهم الصدفة التي كانت تكملة للضرورة و شرط تحققها مطورين بذلك إيديولوجية الطبقة العاملة و استجابة لمتطلبات الواقع الموضوعي مستعينين بالمقولة الماركسية الخالدة “الفكر نتاج الواقع و يتطور بتطوره” و التي تعتبر الضامن الأساسي لعدم الانزياغ عن الطريق الماركسي و السقوط في مستنقع التحريفية التي تحاول تنقيح الماركسية بمبادئ مثالية رجعية كتعبير عن مصالح مناقضة لمصالح البروليتاريا و حلفائها الموضوعيين ، و الذين يسعون بالأساس إلى تحطيم المجتمع الرأسمالي القائم على الاستغلال و الاضطهاد و بناء المجتمع البديل، و هنا نرى ضرورة طرح الماوية أساسا للنقاش باعتبارها الطرف الرئيسي للتناقض داخل الحركة الشيوعية أمميا و محليا .إن طرح الماوية للصراع في هذه الظرفية ليس زرعا لبذور التشتت و الانفصال بين الشيوعيين ، و بالتالي الإخلال بوحدتهم ، بل تعتبر – الماوية – بمثابة المدخل الرئيسي لبناء “وحدة أمتن قائمة على الوضوح الفكري و الإيديولوجي بين الماركسيين ، و الذي يعتبر، مدخلا أساسيا لإحقاق وحدتهم السياسية و التنظيمية” على حد تعبير الرفيق صقر الزروالي في إحدى الوثائق الأولى للحركة الشيوعية المغربية راهنا “أهمية و مضمون النضال النظري” 2003 . فإرجاء الصراع الإيديولوجي حول النظرية يعني بشكل آخر تأجيل التقدم في مهام الثورة ببلادنا إلى ما لانهاية ، لذا نجد بعض الشيوعيين الشرفاء ما فتئوا ينادون كافة الشيوعيات و الشيوعيين إلى طرح أفكارهم بوضوح ، و الاحتكام إلى مبدأ النقد و النقد الذاتي والصراع الإيديولوجي الايجابي دون الارتكان إلى جملة من العبارات الجوفاء و النمائم في الجنبات و الهجومات المجانية .فتبنينا للماركسية اللينينية للماوية كإيديولوجية علمية موجهة لنضالنا إلى جانب الجماهير الشعبية ، لا ندعي تملكنا للإجابة الكاملة على كافة الإشكالات لان النظرية تبقى رمادية اللون أما الواقع الموضوعي فهو شجرة دائمة الاخضرار ، بل سنحاول استعراض الموضوعات الماوية ، والتي لا نستشفها فقط من الكتب بل من الواقع الموضوعي الذي يؤكد لنا يوما بعد آخر أهمية الماوية و صحتها كإجابة علمية على واقع التناقضات الطبقية ببلادنا ، و التي وصلت مستويات قصوى بفعل الهجوم السافر للرجعية على كل مناحي حياة الجماهير ، بالمقابل نمو الوعي العفوي الجنيني للجماهير و ازدياد نقمتها على النظام و كل الأحزاب السائرة في فلك لعبته السياسية مما يفترض منا كماركسيين المزيد من الارتباط بإشكالات الجماهير من اجل قيادتها و تسليحها و توجيهها لانجاز مهام الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية ببناء أدوات الثورة الثلاث للثورة ( الحزب ، الجبهة ، الجيش )من أجل بناء الدولة الجديدة و الحفاظ على سلطة الشعب المسلح تحت قيادة فكرية سياسية سليمة .فتبنينا للماوية كمرحلة ثالثة في الماركسية نابع بالأساس من القفزات النوعية التي تحققت على يد ماو على مستوى المصادر الثلاث للماركسية : الفلسفة ، الاقتصاد السياسي ، الاشتراكية العلمية ، و التي جاءت كخلاصة لصراع مرير و تجارب خاضها الشعب الصيني بقيادة ماو العظيم ، الذي كرس حياته للثورة و للحزب الشيوعي منذ تأسيسه سنة 1921 إلى غاية انتصار الثورة 1949 كقائد استراتيجي للحرب الشعبية ، ثم كرئيس لجمهورية الصين الشعبية و ملهم ثورات الشعوب عبر العالم و قاهر التحريفية ثم مبدع الثورة الثقافية 1966 إلى أن توفي سنة 1976 ، حياة كلها صراع مرير من أجل إنقاذ البشرية من براثين العبودية و الاستغلال ، في سبيل الوصول إلى المجتمع الشيوعي الذي يعتبر حلم كل الشيوعيين و الذي سيتحقق يوما ما على يد الجماهير التي هي صانعة التاريخ .فعلى مستوى الفلسفة الماركسية تمكن ماو من تطوير قانون التناقض معتبرا إياه جوهر الديالكتيك و القانون الفاعل في كل مادة ( المجتمع ’الصراع الطبقي’ ، الطبيعة ...) واضعا بذلك الفلسفة في متناول الجماهير الأمر الذي كان يشكل تحديا واجه الماركسية منذ ماركس ، باعتبارها نظرية حية تتطور بتطور الواقع فكما يقول انجلس في إحدى مقولاته عن الماركسية “ليس هناك بالنسبة لفلسفة الديالكتيك شيء نهائي مقدس إنها ترى حتمية الانهيار في كل شيء و لا يوجد شيء يستطيع الصمود في وجهها إلا المجرى المستمر للنشوء و النزول ، للصعود اللامتناهي من أدنى أعلى ، و هي نفسها ليس سوى انعكاس بسيط لهذا المجرى في الدماغ المفكر ، ولها في الحقيقة جانبها المحافظ فهي تبرر كل مرحلة من مراحل تطور المعرفة و العلاقات الاجتماعية في زمانها و ظروفها لا أكثر، فالصفة المحافظة لهذه الطريقة في الفهم فهي نسبية و طابعها هو المطلق و هذا هو الشيء الوحيد المطلق الذي تقبله فلسفة الديالكتيك” . من كتاب لودفيغ فيورباخ و نهاية الفلسفة الكلاسيكية الألمانية . هذا و قد طبق ماو قانون التناقض على نظرية المعرفة من خلال تحليل العلاقة الجدلية بين النظرية و الممارسة ، معتبرا هذه الأخيرة بمثابة المعيار الوحيد للحقيقة إذ تسمح بالتحقق من المعرفة العقلية كما تعمل على إغنائها و تطويرها . و كما يقول ماوتسي تونغ “اكتشاف الحقيقة عن طريق الممارسة العملية و إثبات الحقيقة عن طريق الممارسة العملية مرة ثانية ، الانطلاق من المعرفة العقلية لتوجيه الممارسة العملية الثورية بصورة فعالة في سبيل تغيير العالم الذاتي و العالم الموضوعي والعودة إلى سبيل الممارسة العملية ثانية ثم المعرفة أيضا ، و هكذا تتكرر العملية إلى ما لا نهاية له ، و مع كل دورة يرتفع مضمون الممارسة العملية و المعرفة إلى مستوى أعلى هذه هي النظرية المادية الديالكتيكية عن المعرفة ، هذه هي النظرية المادية الديالكتيكية عن وحدة المعرفة و العمل” الممارسة العملية لماو .و أهم تجليات تطبيقها تظهر أيضا في مقولته “من لا يقوم بالتحقيقات لا حق له في الكلام”كما طبقها عمليا في المجتمع خلال الثورة الثقافية العظمى بمحاولته القضاء على الفارق بين العمل الذهني و اليدوي بمفهومهما العام من خلال إعطاء أهمية قصوى للعمل اليدوي بإرسال جل كوادر الحزب إلى البوادي والمصانع من أجل التعلم و تعليم الجماهير ، محاربا بذلك كل الطروحات البرجوازية التي تبخس الممارسة العملية و المقدسة للعمل اليدوي .و من جانب آخر و في إطار تثبيته لكونية التناقض ميز بين التناقضات العدائية في المجتمع و التي تربطنا بالبرجوازية الكمبرادورية و بقايا الإقطاع ، و بين التناقضات غير العدائية في صفوف الشعب ، كما دعا ماو للبحث عن التناقض الرئيسي الذي يحد وجود و تطور باقي التناقضات ، أما على مستوى الاقتصاد السياسي الماركسي فقد عمل ماو على تطبيق الديالكتيك في العلاقة بين القاعدة والبنية الفوقية . فبعد عرقلة هاته الأخيرة و الموروثة عن علاقات الإنتاج السابقة لعلاقات الإنتاج الجديدة ( الاشتراكية ) أعلن ماو عن انطلاق الثورة الثقافية و التي تعتبر بمثابة ثورة داخل ثورة هدفها القضاء على كافة الإشكال الثقافية التي ظلت تكبل ا قوى الخلاقة للشعب و مسيرته نحو الشيوعية معلنا إفلاس نظرية ( قوى الإنتاج التحريفية ) القائمة آنذاك بالاتحاد السوفياتي ، فالتحريفية ترى أن المشكل في تطبيق الاشتراكية في هذا البلد يعود إلى التقدم الكبير على المستوى السياسي و ضعف البنية التحتية متناسين أن السياسة هي تركيز للمستوى الاقتصادي هذا دون إغفال أطروحة ماو حول الرأسمالية البيروقراطية .أما على مستوى الاشتراكية العلمية فقد وضع ماو نظرية متكاملة للبروليتاريا باكتشافه و تطويره للحرب الشعبية طويلة الأمد و التي اتخذت طابعا كونيا ، كما أكمل الطريق الذي بدأه لينين فيما يتعلق بالبناء الاشتراكي منتقدا الرؤية الميتافيزيقية لستالين حول عدم وجود صراع الطبقات في ظل ديكتاتورية البروليتاريا الأمر الذي يعود بالأساس إلى قيادته أول تجربة بناء اشتراكي في العالم و هو ما انتقدته و لخصته RIM استنادا إلى خبرة الثورة الصينية في أنه “منذ الآن علينا أن نقول بان الماركسي هو وحده الذي بوسعه الاعتراف بالصراع الطبقي إلى حدود الاعتراف بديكتاتورية البروليتاريا و وجود الطبقات الموضوعي و التناقض الطبقي العدائي و وجود البرجوازية داخل الحزب ، والاستمرار في الصراع الطبقي على طول المرحلة الاشتراكية حتى الشيوعية” . و من بين الإضافات النوعية و الأساسية لماو في هذا المجال أيضا نجد مفهوم الديمقراطية الجديدة التي فرضت الحرب الشعبية طويلة الأمد بما هي حرب فلاحية بالأساس تعتمد الجماهير التي هي صانعة التارلمدن عبر توسيع قواعد الارتكاز و المناطق المحررة في أفق الاستحواذ على السلطة السياسية ، فالحرب الشعبية تعتبر سلاح الجماهير في صراعها ضد أعتى الامبرياليات و الرجعيات في العالم ، و داخل البلدان الامبريالية نفسها مطبقين مقولة ماو الإستراتيجية “الامبرياليين و كل الرجعيين نمور من ورق” . فالديمقراطية الجديدة جاءت من أجل حل إشكالات الانتقال من مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبيع إلى مرحلة الثورة الاشتراكية حيث تسود ديكتاتورية البروليتاريا . و بما أن الماركسية مرشد حي للعمل فلا يجب التعامل معها كنص مقدس بقدر ما يجب التعامل معها كعلم للثورة تستجيب لمتطلبات الواقع الموضوعي و ليس تصور الواقع عند حدود النظرية .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق